فصل: فَصْلٌ: (الجناية على الرهن)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ: [الجناية على الرهن]

إذَا جَنَى الْمَرْهُونُ (عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِالْقَتْلِ) قُدِّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الرَّقَبَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ وَالرَّقَبَةِ (فَإِنْ اقْتَصَّ) وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ بِيعَ) الْمَرْهُونُ (لَهُ) أَيْ لِحَقِّهِ بِأَنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ (بَطَلَ الرَّهْنُ) فَلَوْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا (وَإِنْ جَنَى) الْمَرْهُونُ (عَلَى سَيِّدِهِ) بِالْقَتْلِ (فَاقْتُصَّ) بِضَمِّ التَّاءِ مِنْهُ (بَطَلَ) الرَّهْنُ (وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ) أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً (لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ (فَيَبْقَى رَهْنًا) كَمَا كَانَ وَالثَّانِي يَثْبُتُ الْمَالُ وَيَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى السَّيِّدِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ الْقَتْلِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ
(وَإِنْ قَتَلَ) الْمَرْهُونُ (مَرْهُونًا لِسَيِّدِهِ عِنْدَ آخَرَ فَاقْتَصَّ) السَّيِّدُ (بَطَلَ الرَّهْنَانِ) جَمِيعًا (وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ) بِأَنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ عَفَى عَلَى مَالٍ (تَعَلَّقَ بِهِ عَنْ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ) وَالْمَالُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ. (فَيُبَاعُ وَثَمَنُهُ رَهْنٌ وَقِيلَ يَصِيرُ) نَفْسُهُ (رَهْنًا) وَدُفِعَ بِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ، وَعَلَى الثَّانِي يَنْتَقِلُ إلَى يَدِهِ هَذَا إنْ كَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ مِثْلَهَا، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهَا بِيعَ مِنْ الْقَاتِلِ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا أَوْ صَارَ الْجُزْءُ رَهْنًا عَلَى الْخِلَافِ وَمَحَلُّهُ إذَا طَلَبَ مُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ الْبَيْعَ وَأَبَى الرَّاهِنُ، وَفِي الْعَكْسِ يُبَاعُ جَزْمًا وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ قَالَ الْإِمَامُ: لَيْسَ لِمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ طَلَبُ الْبَيْعِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ لِتَوَقُّعِ رَاغِبٍ بِالزِّيَادَةِ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ (فَإِنْ كَانَا) أَيْ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ (مَرْهُونَيْنِ عِنْدَ شَخْصٍ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ نَقَصَتْ الْوَثِيقَةُ) وَلَا جَابِرَ (أَوْ بِدَيْنَيْنِ) وَوَجَبَ الْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ (وَفِي نَقْلِ الْوَثِيقَةِ) بِهِ إلَى دَيْنِ الْقَتِيلِ (غَرَضٌ) أَيْ فَائِدَةٌ (نُقِلَتْ) بِأَنْ يُبَاعَ الْقَاتِلُ وَيُقَامَ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَقَامَ الْقَتِيلِ أَوْ يُقَامَ نَفْسُهُ مَقَامَهُ رَهْنًا عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ فِي نَقْلِ الْوَثِيقَةِ لَمْ تُنْقَلْ فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا لِلْمُرْتَهِنِ التَّوَثُّقُ الْقَاتِلُ لِدَيْنِ الْقَتِيلِ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْحَالَّ فَالْفَائِدَةُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِ الْقَاتِلِ فِي الْحَالِّ أَوْ الْمُؤَجَّلِ فَقَدْ تَوَثَّقَ وَيُطَالِبُ بِالْحَالِّ، وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ فِي الْقَدْرِ وَالْحُلُولِ أَوْ التَّأْجِيلِ، وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهَا لَمْ تُنْقَلْ الْوَثِيقَةُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ نُقِلَ مِنْهُ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ.
(وَلَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ (بَطَلَ) الرَّهْنُ (وَيَنْفَكُّ) الرَّهْنُ (بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الرَّاهِنِ (وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ) بِقَضَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ (وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ بِدَيْنٍ وَنِصْفَهُ بِآخَرَ فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ) لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ (وَلَوْ رَهَنَاهُ) بِدَيْنٍ (فَبَرِئَ أَحَدُهُمَا) مِمَّا عَلَيْهِ (انْفَكَّ نَصِيبُهُ) لِتَعَدُّدِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ اثْنَيْنِ فَبَرِئَ مِنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ لِتَعَدُّدِ مُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ

. فَصْلٌ: [اختلاف المتراهنين على الرهن]

إذَا (اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ) أَيْ أَصْلِهِ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي كَذَا فَأَنْكَرَ (أَوْ قَدْرِهِ) أَيْ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي الْأَرْضَ بِأَشْجَارِهَا فَقَالَ: بَلْ وَحْدَهَا أَوْ تَعْيِينُهُ كَهَذَا الْعَبْدِ فَقَالَ: بَلْ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ قَدَّرَ الْمَرْهُونَ بِهِ كَبِأَلْفَيْنِ فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ (صُدِّقَ الرَّاهِنُ بِيَمِينِهِ) وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْمُنْكِرِ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعِي، وَقَوْلُهُ (إنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ) قَيَّدَ فِي التَّصْدِيقِ (وَإِنْ شَرَطَ) الرَّهْنَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بِوَجْهٍ مِمَّا ذَكَرَ (فِي بَيْعٍ تَحَالَفَا) كَسَائِرِ صُوَرِ الْبَيْعِ إذَا اخْتَلَفَ فِيهَا (وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا بِمِائَةٍ) وَأَقْبَضَاهُ (وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُ الْمُصَدِّقِ رُهِنَ بِخَمْسِينَ وَالْقَوْلُ فِي نَصِيبِ الثَّانِي قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَدَّقِ عَلَيْهِ) فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ رَهْنُ الْجَمِيعِ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ: غَصَبْته صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ الرَّهْنِ وَعَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ (وَكَذَا إنْ قَالَ: أَقْبَضْتُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى) كَالْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِيدَاعِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الرَّهْنِ، وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى قَبْضِ مَأْذُونٍ فِيهِ (وَلَوْ أَقَرَّ) الرَّاهِنُ (بِقَبْضِهِ) أَيْ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ (ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَرْهُونَ (وَقِيلَ: لَا يُحَلِّفُهُ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا كَقَوْلِهِ: أَشْهَدَتْ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ) قَبْلَ حَقِيقَةِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا يَكُونُ مُنَاقِضًا بِقَوْلِهِ لِإِقْرَارِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَثَائِقَ فِي الْغَالِبِ يُشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحْقِيقِ مَا فِيهَا فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى تَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى فَقِيلَ لَا يُحَلِّفُهُ، وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُقِرُّ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا عِنْدَ تَحْقِيقٍ. وَقِيلَ: لَا فَرْقَ لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ
(وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (جَنَى الْمَرْهُونُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ صُدِّقَ الْمُنْكَرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجِنَايَةِ وَبَقَاءُ الرَّهْنِ وَإِذَا بِيعَ فِي الدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ الْمُقِرِّ لِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: جَنَى قَبْلَ الْقَبْضِ) وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ (فَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ فِي إنْكَارِهِ) الْجِنَايَةَ صِيَانَةً لِحَقِّهِ وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ (غَرِمَ الرَّاهِنُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ). وَالثَّانِي يَغْرَمُ الْأَرْشَ بَالِغًا مَا بَلَغَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (لَا عَلَى الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ شَيْئًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ، وَالْخُصُومَةُ تَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ (فَإِذَا حَلَفَ) الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا (بِيعَ) الْعَبْدُ (فِي الْجِنَايَةِ) إنْ اسْتَغْرَقَتْ قِيمَتَهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا، وَلَا يَكُونُ الْبَاقِي رَهْنًا لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَوْلَيْنِ وَتَضْعِيفُ أَنَّهُ وَجْهَانِ فِي الثَّالِثَةِ وَتَرْجِيحُ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ أَذِنَ) الْمُرْتَهِنُ (فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ فَبِيعَ وَرَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ وَقَالَ: رَجَعْت قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ: الرَّاهِنُ بَعْدَهُ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رُجُوعِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَيْعِ الرَّهْنِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيه فَيَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِوَقْتِ بَيْعِهِ وَقَدْ سَلَّمَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ الْإِذْنَ (وَمَنْ عَلَيْهِ أَلْفَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ فَأَدَّى أَلْفًا وَقَالَ: أَدَّيْتُهُ عَنْ أَلْفِ الرَّهْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) عَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْقَائِلِ: إنَّهُ أَدَّى عَنْ الْأَلْفِ الْآخَرِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّةِ ذَلِكَ أَمْ فِي لَفْظِهِ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ وَكَيْفِيَّةِ أَدَائِهِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا جَعَلَهُ عَمَّا شَاءَ) مِنْهُمَا أَوْ عَنْهُمَا (وَقِيلَ: يُقَسَّطُ) عَلَيْهَا.

. فَصْلٌ: [في انتقال الرهن بعد موت الراهن]

مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ قَطْعًا الْمُنْتَقِلَةِ إلَى الْوَارِثِ عَلَى الصَّحِيحِ الْآتِي (تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ وَفِي قَوْلٍ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي) لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ (فَعَلَى الْأَظْهَرِ) الْأَوَّلُ (يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ) فِي رَهْنِ التَّرِكَةِ بِهِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرَّفُ الْوَارِثِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) عَلَى قِيَاسِ الدُّيُونِ وَالرُّهُونِ وَالثَّانِي قَالَ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ التَّرِكَةِ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا قَدْرُ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْحَجْرَ فِي مَالٍ كَثِيرٍ بِشَيْءٍ حَقِيرٍ بَعِيدٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ: وَسَوَاءٌ أُعْلِمَ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ لَا يُخْتَلَفُ بِهِ. وَحَكَى فِي الْمَطْلَبِ الْخِلَافَ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ، وَذَكَرُوا مِثْلَهُ فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعَ تَرْجِيحِ التَّعَلُّقِ بِقَدْرِهَا فَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هُنَا فَيُخَالِفُ الْمُرَجَّحَ عَلَى الْأَرْشِ الْمُرَجَّحِ عَلَى الرَّهْنِ فَقَوْلُهُ فَعَلَى الْأَظْهَرِ إلَخْ صَحِيحٌ (وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ ظَاهِرٌ فَظَهَرَ دَيْنٌ بِرَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ) أَكَلَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ. (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا لَهُ ظَاهِرًا (لَكِنْ إنْ لَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ فُسِخَ) التَّصَرُّفُ لِيَصِلَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى حَقِّهِ. وَقِيلَ: لَا يَنْفَسِخُ بَلْ يُطَالِبُ الْوَارِثَ بِالدَّيْنِ وَيَجْعَلُ كَالضَّامِنِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ التَّصَرُّفِ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْمُقَارِنِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ (وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْوَارِثِ إمْسَاكَ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّرِكَةِ فَقَالَ الْوَارِثُ: آخُذُهَا بِقِيمَتِهَا وَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهَا لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ أُجِيبَ الْوَارِثُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِرْثِ الْمُفِيدِ لِلْمِلْكِ أَكْثَرُ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَوْرُوثِ تَعَلُّقَ رَهْنٍ أَوْ أَرْشٍ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فِي الْمَرْهُونِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي، وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى قَوْله تَعَالَى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} فَقَدَّمَ الدَّيْنَ عَلَى الْمِيرَاثِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ لِقِسْمَتِهِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنْهُ وَعَلَى الثَّانِي هَلْ الْمَنْعُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ فِي الْجَمِيعِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي أَوَاخِرِ الشُّفْعَةِ فِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى مِثْلِ الْخِلَافِ الْمَذْكُور هُنَا فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ فِي الْجَمِيعِ، أَوْ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَلَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ الْخِلَافُ هُنَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ قَالَ (فَلَا يَتَعَلَّقُ) أَيْ الدَّيْنُ (بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَالْكَسْبِ وَالنِّتَاجِ) لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ وَعَلَى الثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِهَا تَبَعًا لِأَصْلِهَا. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)

. كتاب التفليس:

قَالَ فِي الصَّحَاحِ: فَلَّسَهُ الْقَاضِي تَفْلِيسًا نَادَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفْلَسَ، وَقَدْ أَفْلَسَ الرَّجُلُ صَارَ مُفْلِسًا ا ه وَالْمُفْلِسُ فِي الْعُرْفِ مِنْ لَا مَالَ لَهُ وَفِي الشَّرْعِ مَنْ لَا يَفِي مَالُهُ بِدَيْنِهِ كَمَا قَالَ ذَاكِرًا حُكْمَهُ (مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ حَالَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَالِهِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ (بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْقَاضِي، وَزَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَأَصْحَابُ الْحَاوِي وَالشَّامِلُ وَالْبَسِيطُ وَآخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَأَنَّ قَوْلَ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ فَلِلْقَاضِي الْحَجْرُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ أَيْ بَلْ إنَّهُ جَائِزٌ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوَاجِبِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيَّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ فِي مَالِهِ وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ». وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ كَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ (وَلَا حَجْرَ بِالْمُؤَجَّلِ) لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِي الْحَالِّ (وَإِذَا حَجَرَ بِحَالٍّ لَمْ يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَحِلُّ بِالْحَجْرِ كَالْمَوْتِ بِجَامِعِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَالِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِالْمَوْتِ دُونَ الْحَجْرِ (وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُنْفِقُ مَنْ كَسَبَهُ فَلَا حَجْرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَكَذَا) لَا حَجْرَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَيْ لَا يُضَيِّعَ مَالَهُ فِي النَّفَقَةِ وَدَفَعَ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ فِي الْحَالِّ (وَلَا يَحْجُرُ بِغَيْرِ طَلَبٍ) مِنْ الْغُرَمَاءِ (فَلَوْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ) الْحَجْرَ (وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يُحْجَرُ بِهِ) بِأَنْ زَادَ عَلَى مَالِهِ (حَجَرَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الدَّيْنُ عَلَى مَالِهِ (فَلَا) حَجْرَ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ أَثَرُ الْحَجْرِ بِالطَّالِبِ بَلْ يَعُمُّهُمْ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمْ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لِمَصْلَحَتِهِمْ، وَلَا يُحْجَرُ لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى مَا لَهُمْ فِي الذِّمَمِ (وَيُحْجَرُ بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَهُ فِيهِ غَرَضًا ظَاهِرًا. وَالثَّانِي يَقُولُ الْحَقُّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مُعَاذٍ كَانَ بِالْتِمَاسٍ مِنْهُ (فَإِذَا حُجِرَ) عَلَيْهِ بِطَلَبٍ أَوْ دُونَهُ (تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ) حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّهُمْ، وَلَا تُزَاحِمُهُمْ فِيهِ الدُّيُونُ الْحَادِثَةُ (وَأَشْهَدَ) الْحَاكِمُ اسْتِحْبَابًا (عَلَى حَجْرِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (لِيَحْذَرَ) أَيْ لِيَحْذَرَ النَّاسُ مُعَامَلَتَهُ
(وَلَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ فَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ تَصَرُّفُهُ) الْمَذْكُورُ (فَإِنْ فَضَلَ ذَلِكَ عَنْ الدَّيْنِ) لِارْتِفَاعِ الْقِيمَةِ أَوْ إبْرَاءٍ (نَفَذَ وَإِلَّا لَغَا) أَيْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ نَافِذًا أَوْ لَاغِيًا (وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا تَصَرَّفَ فِيهِ (فَلَوْ بَاعَ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ بِدَيْنِهِمْ) مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَجْرَ يَثْبُتُ عَلَى الْعُمُومِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ. وَالثَّانِي قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهُمَا مُفَرَّعَانِ عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ السَّابِقِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ، وَالْكَلَامُ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَجْرٌ وَبِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ (فَلَوْ بَاعَ سَلَمًا) طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ اشْتَرَى) شَيْئًا بِثَمَنٍ (فِي الذِّمَّةِ فَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ وَيَثْبُتُ) الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ (فِي ذِمَّتِهِ) وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالسَّفِيهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الثَّانِي قَوْلًا شَاذًّا (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ وَخُلْعُهُ) زَوْجَتَهُ (وَاقْتِصَاصُهُ وَإِسْقَاطُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ (وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ) بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ) كَمَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ جَزْمًا، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِمْ لِاحْتِمَالِ الْمُوَاطَأَةِ وَدَفَعَ بِأَنَّهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ
(وَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ مُطْلَقًا) أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ) فَلَا يُزَاحِمُهُمْ الْمُقَرُّ لَهُ (وَإِنْ قَالَ عَنْ جِنَايَةٍ قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) فَيُزَاحِمُهُمْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ عَنْ مُعَامَلَةٍ وَإِنْ أَطْلَقَ وُجُوبَهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ التَّنْزِيلُ عَلَى الْأَقَلِّ وَجَعَلَهُ كَمَا لَوْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ. زَادَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ وَإِنْ أَمْكَنَتْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ (وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ) فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي إبْقَائِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ (وَالْأَصَحُّ تَعَدِّي الْحَجْرِ إلَى مَا حَدَثَ بَعْدَهُ بِالِاصْطِيَادِ وَالْوَصِيَّةِ وَالشِّرَاءِ) فِي الذِّمَّةِ (إنْ صَحَّحْنَاهُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي لَا يَتَعَدَّى إلَى مَا ذُكِرَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَيْسَ لِبَائِعِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ فِي الذِّمَّةِ (أَنْ يَفْسَخَ وَيَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ إنْ عَلِمَ الْحَالَ، وَإِنْ جَهِلَ فَلَهُ ذَلِكَ) وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ مُقَصِّرٌ فِي الْجَهْلِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّقُ بِهَا) بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ كَمَا تَقَدَّمَ (لَا يُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّهُ حَدَثَ بِرِضَاهُ. وَالثَّانِي يُزَاحِمُهُمْ بِهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مِلْكٍ جَدِيدٍ زَادَ بِهِ الْمَالُ.

. فَصْل:ٌ [في الحجر على المفلس]

يُبَادِرُ الْقَاضِي اسْتِحْبَابًا (بَعْدَ الْحَجْرِ) عَلَى الْمُفْلِسِ (بِبَيْعِ مَالِهِ وَقَسْمِهِ) أَيْ قَسْمِ ثَمَنِهِ (بَيْنَ الْغُرَمَاءِ) لِئَلَّا يَطُولَ زَمَنُ الْحَجْرِ، وَلَا يُفْرِطُ فِي الِاسْتِعْجَالِ لِئَلَّا يُطْمَعَ فِيهِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ (وَيُقَدَّمُ) فِي الْبَيْعِ (مَا يَخَافُ فَسَادَهُ) لِئَلَّا يَضِيعَ (ثُمَّ الْحَيَوَانُ) لِحَاجَتِهِ إلَى النَّفَقَةِ وَكَوْنُهُ عُرْضَةً لِلْهَلَاكِ (ثُمَّ الْمَنْقُولُ ثُمَّ الْعَقَارُ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُخْشَى عَلَيْهِ السَّرِقَةُ بِخِلَافِ الثَّانِي (وَلْيَبِعْ بِحَضْرَةِ الْمُفْلِسِ) أَوْ وَكِيلِهِ (وَغُرَمَائِهِ) لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِلْقُلُوبِ (كُلَّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ) لِأَنَّ طَالِبِيهِ فِيهِ أَكْثَرُ وَيُشْهَرُ بَيْعُ الْعَقَارِ، وَالْأَمْرُ فِي هَذَيْنِ لِلِاسْتِحْبَابِ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) الْأَمْرُ فِيهِ لِلْوُجُوبِ (ثُمَّ إنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ جِنْسِ النَّقْدِ وَلَمْ يَرْضَ الْغَرِيمُ إلَّا بِجِنْسِ حَقِّهِ اشْتَرَى) لَهُ (وَإِنْ رَضِيَ جَازَ صَرْفُ النَّقْدِ إلَيْهِ إلَّا فِي السَّلَمِ) فَلَا يَجُوزُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ امْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَازُ السَّلَمِ فِي النَّقْدِ فِي كِتَابِهِ (وَلَا يُسَلِّمُ مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ) احْتِيَاطًا لِمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ (وَمَا قَبَضَ) بِفَتْحِ الْقَافِ (قَسَّمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يُعْسِرَ) قَسَّمَهُ (لِقِلَّتِهِ فَيُؤَخَّرَ لِيَجْتَمِعَ) فَإِنْ أَبَوْا التَّأْخِيرَ فَفِي النِّهَايَةِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (وَلَا يُكَلَّفُونَ) عِنْدَ الْقِسْمَةِ (بَيِّنَةً بِأَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ) لِأَنَّ الْحَجْرَ يَشْتَهِرُ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ غَرِيمٌ لَظَهَرَ وَطَلَبَ حَقَّهُ (فَلَوْ قَسَّمَ فَظَهَرَ غَرِيمٌ شَارَكَ بِالْحِصَّةِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَقِيلَ: تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ) وَتُسْتَأْنَفُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَسَّمَ مَالَهُ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى غَرِيمَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ، وَلِلْآخَرِ عَشَرَةٌ فَأَخَذَ الْأَوَّلُ عَشَرَةً وَالْآخَرُ خَمْسَةً فَظَهَرَ غَرِيمٌ لَهُ ثَلَاثُونَ اسْتَرَدَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ، وَعَلَى الثَّانِي يَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا الْقَاضِي مَا أَخَذَاهُ وَيَسْتَأْنِفُ الْقِسْمَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ خَرَجَ شَيْءٌ بَاعَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مُسْتَحِقًّا وَالثَّمَنُ) الْمَقْبُوضُ (تَالِفٌ فَكَدَيْنٍ) أَيْ فَمَثَلُ الثَّمَنِ اللَّازِمِ كَدَيْنٍ (ظَهَرَ) مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فَيُشَارِكُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ مِنْ غَيْرِ نَقْضِ الْقِسْمَةِ أَوْ مَعَ نَقْضِهَا (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ بَاعَهُ الْحَاكِمُ) وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ تَالِفٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (قُدِّمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَيْ بِمِثْلِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ) بِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَدَفَعَ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رَغْبَةِ النَّاسِ عَنْ شِرَاءِ مَالِ الْمُفْلِسِ فَكَانَ التَّقْدِيمُ مِنْ مَصَالِحِ الْحَجْرِ
(وَيُنْفِقُ) الْحَاكِمُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَ (عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) مِنْ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ (حَتَّى يُقَسِّمَ مَالَهُ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ وَكَذَلِكَ يَكْسُوهُمْ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَفِي مَعْنَى الزَّوْجَاتِ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِكَسْبٍ) فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَكْسُوهُمْ وَيَصْرِفُ كَسْبَهُ إلَى ذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفِ بِهِ كَمَّلَ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجَاتِ. قَالَ الْإِمَامُ: نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ وَالرُّويَانِيُّ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا قِيَاسُ الْبَابِ وَإِلَّا لَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْأَقَارِبِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُرَجَّحُ قَوْلُ الْإِمَامِ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَقَلَّ مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ ثُمَّ قَالَ فِيهَا عَنْ الْبَيَانِ وَتُسَلَّمُ إلَيْهِ النَّفَقَةُ يَوْمًا بِيَوْمٍ. (وَيُبَاعُ مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ لِزَمَانَتِهِ وَمَنْصِبِهِ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالثَّانِي يَبْقَيَانِ لَهُ لِحَاجَتِهِ إذَا كَانَا لَائِقَيْنِ بِهِ دُونَ النَّفِيسَيْنِ وَالثَّالِثُ يَبْقَى الْمَسْكَنُ فَقَطْ (وَيُتْرَكُ لَهُ دُسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَعِمَامَةٌ وَمِكْعَبٌ) أَيْ مَدَاسٌ (وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ) وَيُتْرَكُ لِعِيَالِهِ مِنْ الثَّوْبِ كَمَا يُتْرَكُ لَهُ وَيُسَامَحُ بِاللِّبَدِ وَالْحَصِيرِ الْقَلِيلِ الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَ يَلْبَسُ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِهِ رَدَدْنَاهُ إلَى اللَّائِقِ، وَلَوْ كَانَ يَلْبَسُ دُونَ اللَّائِقِ تَقْتِيرًا لَمْ يُزَدْ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَا قُلْنَا يُتْرَكُ لَهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَالِهِ اشْتَرَى بِهِ (وَيُتْرَكُ لَهُ قُوتُ يَوْمِ الْقِسْمَةِ) لَهُ وَ (لِمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) لِأَنَّهُ مُوسِرٌ فِي أَوَّلِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَسُكْنَى ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ غَيْرُهُ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكْتَسِبَ أَوْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ) قَالَ تَعَالَى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ} حَكَمَ بِإِنْظَارِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَسْبِ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ إجَارَةِ أُمِّ وَلَدِهِ وَالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ) لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَالْعَيْنِ فَيَصْرِفُ بَدَلَهَا لِلدَّيْنِ. وَالثَّانِي يَقُولُ: الْمَنْفَعَةُ لَا تُعَدُّ مَالًا حَاصِلًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤَجِّرُ مَا ذَكَرَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّةُ هَذَا إدَامَةُ الْحَجْرِ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَهُوَ كَالْمُسْتَبْعَدِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إجَارَةِ الْوَقْفِ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَفَاوُتٌ بِسَبَبِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فِي غَرَضِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ (وَإِذَا ادَّعَى) الْمَدِينُ (أَنَّهُ مُعْسِرٌ أَوْ قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَنْكَرُوا فَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ كَشِرَاءٍ أَوْ قَرْضٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) كَمَا لَوْ ادَّعَى هَلَاكَ الْمَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي غَيْرِ مُعَامَلَةٍ (فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ، وَالثَّانِي لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْحُرِّ أَنَّهُ يَمْلِكُ شَيْئًا. وَالثَّالِثُ إنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِاخْتِيَارِهِ كَالصَّدَاقِ وَالضَّمَانِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةِ، وَإِنْ لَزِمَهُ لَا بِاخْتِيَارِهِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَغَرَامَةِ الْمُتْلَفِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَشْغَلُ ذِمَّتَهُ بِاخْتِيَارِهِ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ
(وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ فِي الْحَالِّ) بِالشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ (وَشَرْطُ شَاهِدِهِ) وَهُوَ اثْنَانِ وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ (خِبْرَةُ بَاطِنِهِ) أَيْ الْمُعْسِرِ بِطُولِ الْجِوَارِ وَكَثْرَةِ الْمُجَالَسَةِ وَالْمُخَالَطَةِ فَإِنَّ الْأَمْوَالَ تُخْفَى فَإِنْ عَرَفَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّاهِدَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِهِ أَنَّهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ (وَلْيَقُلْ هُوَ مُعْسِرٌ وَلَا يُمَحِّضْ النَّفْيَ كَقَوْلِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا) بَلْ يُقَيِّدُهُ كَقَوْلِهِ لَا يَمْلِكْ إلَّا قُوتَ يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ (وَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ) عِنْدَ الْقَاضِي (لَمْ يَجُزْ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يُوسِرَ) لِلْآيَةِ نَعَمْ لِلْغَرِيمِ تَحْلِيفُهُ وَيَجِبُ بِطَلَبِهِ قِيلَ: وَمَعَ سُكُوتِهِ أَيْضًا فَيَكُونُ مِنْ آدَابِ الْقَاضِي (وَالْغَرِيبُ الْعَاجِزُ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعْسَارُهُ شَهِدَ بِهِ) لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ فِي الْحَبْسِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْدِيرُ الْكَلَامِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي أَنْ يُوَكِّلَ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَهَذَا أَبَدَاهُ الْإِمَامُ تَفَقُّهًا لِنَفْسِهِ.

. فَصْلٌ مَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَس:

أَيْ بِسَبَبِ إفْلَاسِهِ وَالْمَبِيعُ بَاقٍ عِنْدَهُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ نَحْوَهُ وَلَا فَسْخَ قَبْلَ الْحَجْرِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ خِيَارَهُ) أَيْ الْفَسْخِ (عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ بِجَامِعِ دَفْعِ الضَّرَرِ. وَالثَّانِي عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ وَعَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَا يَمْتَنِعُ تَأْقِيتُهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِالْوَطْءِ) لِلْأَمَةِ (وَالْإِعْتَاقِ وَالْبَيْعِ) كَمَا لَا يَحْصُلُ بِهَا فِي الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ وَالثَّانِي يَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَمَا يَحْصُلُ بِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِفَسَخْتُ الْبَيْعَ أَوْ رَفَعْته أَوْ نَقَضْته وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ فِي الْأَصَحِّ (وَلَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ (الرُّجُوعُ) فِي عَيْنِ مَالِهِ بِالْفَسْخِ (فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ) الَّتِي (كَالْبَيْعِ) وَهِيَ الْمَحْضَةُ مِنْهَا الْقَرْضُ وَالسَّلَمُ وَالْإِجَارَةُ، فَإِذَا سَلَّمَهُ دَرَاهِمَ قَرْضًا أَوْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَالدَّرَاهِمُ بَاقِيَةٌ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِالصُّلْحِ فَإِذَا أَجَّرَهُ دَارًا بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ لَمْ يَقْبِضْهَا عَلَى حَجْرٍ عَلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الدَّارِ بِالْفَسْخِ تَنْزِيلًا لِلْمَنْفَعَةِ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ فِي الْبَيْعِ، وَفِي قَوْلٍ لَا إذْ لَا وُجُودَ لِلْمَنْفَعَةِ وَلَا رُجُوعَ فِي مُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَحْضَةٍ، فَإِذَا خَالَعَهَا أَوْ صَالَحَهُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى عِوَضٍ حَالٍّ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى وَجَدَ الْحَجْرَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الْبُضْعِ أَوْ الدَّمِ.
وَدَلِيلُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ«مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» (وَلَهُ) أَيْ لِلرُّجُوعِ فِي الْمَبِيعِ (شُرُوطٌ مِنْهَا: يَكُونُ الثَّمَنُ حَالًّا) فِي الْأَصْلِ أَوْ حَلَّ قَبْلَ الْحَجْرِ. وَكَذَا بَعْدَهُ عَلَى وَجْهٍ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْكَبِيرُ تَصْحِيحٌ (وَأَنْ يَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ) أَيْ الثَّمَنُ (بِالْإِفْلَاسِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (فَلَوْ) انْتَفَى الْإِفْلَاسُ بِأَنْ (امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ مَعَ يَسَارِهِ أَوْ هَرَبَ) عُطِفَ عَلَى امْتَنَعَ (فَلَا فَسْخَ فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِالسُّلْطَانِ، فَإِنْ فُرِضَ عَجْزٌ فَنَادِرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ. وَالثَّانِي لَهُ الْفَسْخُ كَمَا فِي الْمُفْلِسِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ الْوُصُولُ إلَى حَقِّهِ حَالًّا مَعَ تَوَقُّعِهِ مَالًا (وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ) لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ (لَا تَفْسَخْ وَنُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ فَلَهُ الْفَسْخُ) لِمَا فِي التَّقْدِيمِ مِنْ الْمِنَّةِ وَقَدْ يَظْهَرُ غَرِيمٌ آخَرُ فَيُزَاحِمُهُ فِيمَا أَخَذَهُ (وَ) مِنْ الشُّرُوطِ (كَوْنُ الْمَبِيعِ بَاقِيًا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ فَاتَ) مِلْكُهُ بِتَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ وَقْفٍ (أَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ) أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ (فَلَا رُجُوعَ) وَلَوْ زَالَ الْمِلْكُ، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ الْحَجْرِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ لَا رُجُوعَ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الزَّوَالِ (وَلَا يَمْنَعُ) الرُّجُوعُ (التَّزْوِيجَ) وَالتَّدْبِيرَ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ وَالْإِجَارَةِ فَيَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ يُضَارِبُ. وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ كَجِنَايَةٍ أَوْ رَهْنٍ وَأَنْ لَا يُحَرِّمَ الْبَائِعُ وَالْمَبِيعُ صَيْدًا (وَلَوْ تَعَيَّبَ بِآفَةٍ) كَسُقُوطِ عُضْوٍ (أَخَذَهُ نَاقِصًا أَوْ ضَارَبَ بِالثَّمَنِ أَوْ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ الْبَائِعِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَيُضَارِبُ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ) الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُشْتَرِي، مِثَالُهُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا مِائَةٌ وَمَعِيبًا تِسْعُونَ فَيَرْجِعُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ (وَجِنَايَةُ الْمُشْتَرِي كَآفَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ (وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ) أَوْ الثَّوْبَيْنِ (ثُمَّ أَفْلَسَ) وَحَجَرَ عَلَيْهِ (أَخَذَ الْبَاقِي وَضَارَبَ بِحِصَّةِ التَّالِفِ) بَلْ لَوْ بَقِيَ جَمِيعُ الْمَبِيعِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِي بَعْضِهِ مُكِّنَ مِنْهُ (فَلَوْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ رَجَعَ فِي الْجَدِيدِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (فَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا وَقَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِبَاقِي الثَّمَنِ) وَيَكُونُ مَا قَبَضَهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّالِفِ (وَفِي قَوْلٍ يَأْخُذُ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الْبَاقِي (بِنِصْفِ بَاقِي الثَّمَنِ وَيُضَارِبُ بِنِصْفِهِ) وَهُوَ رُبْعُ الثَّمَنِ وَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِ التَّالِفِ، وَنِصْفُ الْبَاقِي وَالْقَدِيمِ لَا يَرْجِعُ بَلْ يُضَارِبُ بِبَاقِي الثَّمَنِ لِحَدِيثٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيَّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ شَيْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ وَكَانَ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ رَجَعَ عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْمَبِيعِ بِقِسْطِ الْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَ نِصْفَهُ رَجَعَ فِي النِّصْفِ وَيُضَارِبُ عَلَى الْقَدِيمِ (وَلَوْ زَادَ الْمَبِيعُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ فَازَ الْبَائِعُ بِهَا) فَيَرْجِعُ فِيهَا مَعَ الْأَصْلِ (وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالثَّمَرَةِ وَالْوَلَدِ) الْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ (لِلْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا وَبَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ (الْبَائِعُ قِيمَتَهُ أَخَذَهُ مَعَ أُمِّهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْهَا (فَيُبَاعَانِ وَتُصْرَفُ إلَيْهِ حِصَّةُ الْأُمِّ) مِنْ الثَّمَنِ (وَقِيلَ: لَا رُجُوعَ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُضَارِبُ (وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ دُونَ الْبَيْعِ أَوْ عَكْسِهِ) بِالنَّصْبِ أَيْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ دُونَ الرُّجُوعِ بِأَنْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ قَبْلَهُ (فَالْأَصَحُّ تَعَدِّي الرُّجُوعِ إلَى الْوَلَدِ) وَجْهٌ فِي الْأُولَى بِأَنَّ الْحَمْلَ تَابِعٌ فِي الْبَيْعِ. فَكَذَا فِي الرُّجُوعِ وَمُقَابِلُهُ قَالَ: إنَّمَا يَرْجِعُ فِيمَا كَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ فَيَرْجِعُ فِي الْأُمِّ فَقَطْ. قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: قَبْلَ الْوَضْعِ والصيدلاني وَغَيْرُهُ: بَعْدَ الْوَضْعِ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ إلَى آخِرِهِ وَيَلِي التَّعَدِّي فِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمْ وَمُقَابِلُهُ عَلَى مُقَابِلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا حَامِلًا. وَلَوْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ (وَاسْتِتَارُ الثَّمَرِ بِكِمَامِهِ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَهُوَ أَوْعِيَةُ الطَّلْعِ (وَظُهُورُهُ بِالتَّأْبِيرِ) أَيْ تَشَقُّقُ الطَّلْعِ (قَرِيبٌ مِنْ اسْتِتَارِ الْجَنِينِ وَانْفِصَالِهِ) فَإِذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى النَّخِيلِ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْبَيْعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ وَعِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ كَالْحَمْلِ عِنْدَ الْبَيْعِ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَيَتَعَدَّى الرُّجُوعُ إلَيْهَا عَلَى الرَّاجِحِ (وَ) هِيَ (أَوْلَى بِتَعَدِّي الرُّجُوعِ) إلَيْهَا مِنْ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا مُشَاهَدَةٌ مَوْثُوقٌ بِهَا بِخِلَافِهِ. وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالرُّجُوعِ فِيهَا وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْبَيْعَ وَهِيَ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَمْلِ. وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ فِيهَا قَطْعًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَنَاوَلُهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا جَزْمًا وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَهِيَ عِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي (وَلَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ) الْمُشْتَرَاةَ (أَوْ بَنَى) فِيهَا ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِيهَا (فَإِنْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى تَفْرِيغِهَا) مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ (فَعَلُوا وَأَخَذَهَا الْبَائِعُ) بِرُجُوعِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُمْ أَخْذَ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لِيَتَمَلَّكَهَا مَعَ الْأَرْضِ، وَإِذَا قَلَعُوا وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ وَإِنْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ بِالْقَلْعِ وَجَبَ أَرْشُهُ مِنْ مَالِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِهِ. وَفِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِهِ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ (وَإِنْ امْتَنَعُوا) مِنْ الْقَلْعِ (لَمْ يُجْبَرُوا) عَلَيْهِ (بَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ) فِي الْأَرْضِ (وَيَتَمَلَّكُ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ بِقِيمَتِهِ) أَيْ لَهُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي (وَلَهُ) بَدَلُ تَمَلُّكِ مَا ذَكَرَ (أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَغْرَمَ أَرْشَ نَقْصِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيَبْقَى الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ) لِنَقْصِ قِيمَتِهِمَا بِلَا أَرْضٍ فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ الرُّجُوعُ إنَّمَا يَثْبُتُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يَزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ صَبَغَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ يَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ فَقَطْ. وَيَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا مَعَهُ بِالصِّبْغِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصِّبْغَ كَالصِّفَةِ التَّابِعَةِ لِلثَّوْبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ أَوْ يَعُودُ إلَى بَذْلِ قِيمَتِهِمَا أَوْ قَلْعِهِمَا مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ
(وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ) لَهُ (حِنْطَةً فَخَلَطَهَا بِمِثْلِهَا أَوْ دُونِهَا) ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ (أَخْذُ قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمَخْلُوطِ) وَيَكُونُ فِي الدُّونِ مُسَامِحًا بِنَقْصِهِ كَنَقْصِ الْعَيْبِ (أَوْ) خَلَطَهَا (بِأَجْوَدَ فَلَا رُجُوعَ فِي الْمَخْلُوطِ فِي الْأَظْهَرِ) حَذَرًا مِنْ ضَرَرِ الْمُفْلِسِ وَيُضَارِبُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِي لَهُ الرُّجُوعُ وَيُبَاعَانِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ (وَلَوْ طَحَنَهَا) أَيْ الْحِنْطَةَ الْمَبِيعَةَ لَهُ (أَوْ قَصَّرَ الثَّوْبَ) الْمَبِيعَ لَهُ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ) بِالطَّحْنِ أَوْ الْقِصَارَةِ (رَجَعَ) الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ) فِيهِ وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَا شَيْءَ وَإِنْ زَادَتْ فَالْأَظْهَرُ أَنْ يُبَاعَ وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ وَلَوْ صَبَغَهُ بِصِبْغَةٍ فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ قَدْرَ قِيمَةِ الصِّبْغِ رَجَعَ، وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصِّبْغِ أَوْ أَقَلَّ فَالنَّقْصُ عَلَى الصِّبْغِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُفْلِسِ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ الصِّبْغَ وَالثَّوْبَ رَجَعَ فِيهِمَا إلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُمَا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ فَيَكُونُ فَاقِدًا لِلصِّبْغِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ لِلْبَائِعِ مَعَهُ (وَإِنْ زَادَتْ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ) مِثَالُهُ الْقِيمَةُ خَمْسَةٌ وَبَلَغَتْ بِمَا فَعَلَ سِتَّةٌ فَلِلْمُفْلِسِ سُدُسُ الثَّمَنِ. وَالثَّانِي لَا شِرْكَةَ لِلْمُفْلِسِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي سِمَنِ الدَّابَّةِ بِعَلَفِهِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الطَّحْنَ أَوْ الْقِصَارَةَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ السِّمَنِ فَهُوَ مَحْضُ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْعَلَفَ يُوجَدُ كَثِيرًا وَلَا يَحْصُلُ السِّمَنُ
(وَلَوْ صَبَغَهُ) أَيْ الثَّوْبَ الْمُشْتَرَى (بِصِبْغِهِ) ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ قَدْرَ قِيمَةِ الصِّبْغِ) كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَالصِّبْغِ دِرْهَمَيْنِ فَصَارَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا سِتَّةَ دَرَاهِمَ (رَجَعَ) الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ (وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصِّبْغِ) فَيُبَاعُ الثَّوْبُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَهَلْ نَقُولُ كُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ، وَكُلُّ الصِّبْغِ لِلْمُفْلِسِ أَوْ نَقُولُ يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا بِالْأَثْلَاثِ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ وَجْهَانِ (أَوْ) زَادَتْ الْقِيمَةُ (أَقَلَّ) مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ كَأَنْ صَارَتْ خَمْسَةً (فَالنَّقْصُ عَلَى الصِّبْغِ) لِأَنَّهُ هَالِكٌ فِي الثَّوْبِ وَالثَّوْبُ قَائِمٌ بِحَالِهِ فَيُبَاعُ وَلِلْبَائِعِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ خَمْسَةٌ (أَوْ) زَادَتْ الْقِيمَةُ (أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ كَأَنْ صَارَتْ ثَمَانِيَةً (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُفْلِسِ) فَيُبَاعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَالثَّانِي أَنَّهَا لِلْبَائِعِ كَالسِّمَنِ فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ رُبْعُهُ، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا تَفُضُّ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ ثُلُثَا الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ ثُلُثُهُ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ بِالصِّبْغِ شَيْئًا رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ فِيهِ. وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مَعَهُ (وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ الصِّبْغَ وَالثَّوْبَ) وَصَبَغَهُ بِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (رَجَعَ) أَيْ الْبَائِعُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الثَّوْبِ بِصِبْغِهِ (إلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُمَا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ) قَبْلَ الصِّبْغِ بِأَنْ سَاوَتْهَا أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا (فَيَكُونُ فَاقِدًا لِلصِّبْغِ) فَيُضَارِبُ بِثَمَنِهِ مَعَ الرُّجُوعِ فِي الثَّوْبِ مِنْ جِهَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَتْ وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ فِيهِمَا فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا. وَقِيلَ لَا شَيْءَ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يُضَارِبْ بِالْبَاقِي أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَارَةِ
(وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ) الثَّوْبَ مِنْ وَاحِدٍ وَالصِّبْغَ مِنْ آخَرَ وَصَبَغَهُ بِهِ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ الْبَائِعَانِ الرُّجُوعَ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ) قَبْلَ الصِّبْغِ (فَصَاحِبُ الصِّبْغِ فَاقِدٌ) لَهُ فَيُضَارِبُ بِثَمَنِهِ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ وَاجِدٌ لَهُ فَيَرْجِعُ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَارَةِ (وَإِنْ زَادَتْ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصِّبْغِ اشْتَرَكَا) فِي الرُّجُوعِ وَالثَّوْبِ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَلَهُمَا الرُّجُوعُ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ (وَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ لَهُمَا) أَيْ لِلْبَائِعَيْنِ (بِالزِّيَادَةِ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَالصِّبْغِ دِرْهَمَيْنِ، وَصَارَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا ثَمَانِيَةً فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالرُّبْعِ وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَالزِّيَادَةُ لَهُمَا بِنِسْبَةِ مَالَيْهِمَا. وَلَوْ اشْتَرَى صِبْغًا وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا لَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا عَلَى مَا كَانَتْ قَبْلَ الصِّبْغِ فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَإِذَا شَارَكَ وَنَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَنْ ثَمَنِ الصِّبْغِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ. وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِالْجَمِيعِ، وَالثَّانِي لَهُ أَخْذُهُ وَالْمُضَارَبَةُ بِالْبَاقِي إهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ قَسْمٍ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ فَيَتَخَيَّرُ بَائِعُهُ بَيْنَ أَخْذِ الزِّيَادَةِ وَالْمُضَارَبَةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَصَحِّ.